dimanche, décembre 12, 2010

إلى السيد محمد الحبيب مرسيط: إن لم تستحي فافعل ما شئت



إذا لم تستحي فاصنع ما شئت. يبدو أن عددا من التونسيين يعملون على تطبيق هذا الجزء من الحديث النبوي الشريف
بكلّ حذافيره، مثلهم مثل من توقّف عند: ويل للمصلّين
اليوم، هاهو رئيس فرع تونس لمنظمة العفو الدولية، السيد محمد الحبيب مرسيط يبعث برسالة للرئيس التونسي زين العابدين بن علي يناشده فيها توقيع تونس و مصادقتها على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الذي سبق و أن تبنّاه مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جوان 2008
يتيح هذا البروتوكول الاختياري الفرصة للأفراد ممن يسعون إلى الانتصاف عما ارتكب بحقهم من انتهاكات اقتصادية و اجتماعية و ثقافية أن يتقدّموا بشكواهم للبتّ فيها من قبل لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية
و كانت منظمة العفو الدولية من بين أول من سارع إلى الترحيب بهذا البروتوكول. و الآن يدعو السيد مرسيط، رئيس فرع المنظمة بتونس إلى التوقيع و المصادقة عليه من قبل تونس و كأن الأمر عادي جدا
لا يا سيدي...فهذا الأمر مرفوض أخلاقيا و دستوريا. فهو لا يعدو أن يكون شكلا جديدا من اشكال الاستعمار و التدخل الأجنبي السافر في الشؤون الداخلية. إن مثل هذا البروتوكول، و الذي يبقى اختياريا لا محالة، مما يعني أننا لسنا مجبرين على توقيعه و اعتماده، هو ضدّ سيادة الدول و استقلاليتها. لقد قدّم العديد من أجدادنا و آبتئنا التضحيات الجسام و ضحوا بالغالي و النفيس من اجل أن نحقق سيادة بلادنا و استقلالها و نعزّز أمن ترابنا و مناعة وطننا. إن المستعمر الذي خرج من باب وطننا الكبير، لا يمكن أن نسمح له بالعودة من شباكه الصغير. كما أن مثل هذا البروتوكول يهدّد استقلالية قضائنا و هي استقلالية لها مكانة دستورية و قانونية
لقد قامت بلادنا منذ 1 جويلية 1957 تاريخ دخول الاتفاقية القضائية التونسية - الفرنسية حيّز التنفيذ، بتوحيد القضاء و تونسته لأنه شكل من اشكال السيادة الوطنية و تكريس للاستقلال و لا يمكن بأي شكل من الأشكال ان نتنازل عن مكاسبنا بتعلّة حقوق الانسان
كما أن حصيلة الانجازات و المكاسب في الجانب الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي في تونس منذ الاستقلال و خلال التغيير، لا يمكن لأحد أن ينكرها إلا من عمت بصيرته و اسود قلبه و صمت آذانه
قد يكون من المفيد تطبيق هذه الاتفاقية في الدول الغربية و منها دول أوروبية ديــــــــــمــــقــــراطـــيــــة مثل فرنسا و إيطاليا حيث يتم انتهاك حقوق أطفال الغجر في التعليم مثلا ناهيك عن تهجيرهم قسرا. و يمكن أيضا تطبيق هذا العهد في عدد من الدول الافريقية أو الآسياوية أو اللاتينية حيث تنتهك حقوق المواطنين في السكن الملائم و الصحة و المياه و الصرف الصحي، او ربما يكون هذا البروتوكول ذي نفع تجاه إسرائيل التي تنتهك حقوق الفلسطينيين فعلى سبيل المثال يستهلك الفلسطيني الواحد 70 لترا من الماء في اليوم مقابل 300 لتر للاسرائيلي في حين أن 100 لتر هي حاجة كل واحد فيهم، فأين الأمم المتحدة هنا يا سيدي؟
لماذا نحتاج للأمم المتحدة هنا في تونس؟ فـ 80% من التونسيين يملكون مساكنهم؟ نسبة الفقر 3,4 بالمائة، نسبة الربط بشبكة الكهرباء و الماء الصالح للشراب تصل إلى 100 % بالمدن و تتجاوز 90 % بالأرياف لتكون من أعلى النسب في العالم، نسبة الربط بالصرف الصحي تتجاوز أيضا 90%، و الدولة دائما ما تهتم بمشاكل الصرف الصحي و إقامة محطات تطهير في كل برامجها التنموية حتى لا تترك مجالا للصدفة، و نسبة التمدرس تصل في بعض الأحيان إلى 100% فلماذا هذه الدعوة إلى التوقيع و المصادقة على هذا البروتوكول الاختياري أصلا؟ ماذا تخفي مثل هذه الدعوة التي تحتقر استقلال البلاد و سيادة قوانينها و استقلالية قضائها؟
قد ينطبق هذا البروتوكول في دول أخرى من العالم و لكن ليس له بيننا في تونس من مكان لأننا دائما ما نسارع إلى حماية حقوق المواطنين و بصفة خاصة السكن و الصحة و التعليم و التضامن و هي قيم و حقوق يكفلها الدستور الذي يبقى قانون القوانين
و للتذكير، فإن فرع تونس لمنظمة العفو الدولية، التي كثيرا ما تنتقد تونس، تأسس في 21 أفريل 1988 بعد حصوله على تأشيرة عمل بصفة رسمية بعد 7 سنوات من العمل المؤقت و هو بذلك أوّل فرع عربي يقع الاعتراف به رسميا. و تتبنى المنظمة و فروعها شعار العمل بموضوعية و عدم الانحياز إضافة إلى عدم تبني سجناء الرأي أو جمع المعلومات في شأنهم. و السؤال هنا: إذا كان الفرع المحلي لا يعمل على جمع المعلومات، فماهي طريقة عمل المنظمة؟ كيف تجمع المعلومات عن الدول و تصدر تقاريرها؟ على أي أساس؟ ألا تفتقد هذه التقارير أذن للموضوعية و المصداقية؟؟؟